رضعة، معتمدا على خبر واحد رواه عمار بن موسى الساباطي، وهو فطحي المذهب مخالف للحق، مع إنا قدمنا أن أخبار الآحاد لا يعمل بها ولو رواها العدل. فالأول: مذهب السيد المرتضى وخيرة شيخنا المفيد. والثاني: خيرة شيخنا أبو جعفر الطوسي. والأول هو الأظهر الذي يقتضيه أصول المذهب، ولأن بعض أصحابنا يحرم بالقليل من الرضاع والكثير ويتعلق بالعموم، فالأظهر ما اخترناه، ففيه الاحتياط (1). ثم قال - في أول باب الرضاع -: الذي يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم وشد العظم - على ما قدمناه - فإن علم ذلك وإلا كان الاعتبار بخمس عشرة رضعة، على الأظهر من الأقوال، وقد حكينا الخلاف فيما مضى، إلا أنا اخترنا هناك التحريم بعشر رضعات وقويناه، والذي أفتي به وأعمل عليه الخمس عشرة رضعة، لأن العموم قد خصصه جميع أصحابنا المحصلين، والأصل الإباحة، والتحريم طارئ، فبالإجماع من الكل يحرم الخمس عشرة رضعة، فالتمسك بالإجماع أولى وأظهر، فإن الحق أحق أن يتبع (2).
وهذا يدل على اضطرابه وقلة مبالاته بما يقول، ونسبة المشائخ إلى الخطأ في الفتوى والإسناد إلى غير دليل، ثم أي تواتر حصل بين فتواه بالعشر وفتواه بخمسة عشر حتى نسب الثاني أولا إلى أنه خبر واحد رواه غير الثقة ثم اعتمد عليه وأفتى به؟!
وقال ابن الجنيد: وقد اختلفت الرواية من الوجهين جميعا في قدر الرضاع المحرم، إلا أن الذي أوجبه الفقه عندي واحتياط المرء لنفسه أن كل ما وقع عليه اسم الرضعة (3) - وهو ما ملأت بطن الصبي إما بالمص أو بالوجور - يحرم النكاح (4).