مذهب أبي حنيفة والشافعي وهو قياس قول القاضي لقوله فيمن باع المعيب عالما بعيبه ليس له أرش لأنه رضي به معيبا بتصرفه فيه مع علمه بعيبه، وقياس المذهب أن له الأرش لأن له امساك المبيع والمطالبة بأرشه وهذا يتنزل منزلة إمساكه مع العلم بعيبه، ولان البائع لم يوفه ما أوجبه العقد فكان له الرجوع بأرشه كما لو أعتقه قبل علمه بعيبه ولان الأرش عوض الجزء الفائت بالعيب فلم يسقط بتصرفه فيما سواه كما لو باعه عشرة أقفزة فأقبضه تسعة فتصرف فيها (فصل) فإن استغل المبيع أو عرضه على البيع أو تصرف فيه تصرفا دالا على الرضا به قبل علمه بالعيب لم يسقط خياره لأن ذلك لا يدل على الرضا به معيبا وان فعله بعد علمه بعيبه بطل خياره في قول عامة أهل العلم. قال ابن المنذر وكان الحسن وشريح وعبد الله بن الحسن وابن أبي ليلى والثوري وأصحاب الرأي يقولون إذا اشترى سلعة فعرضها على البيع لزمته، وهذا قول الشافعي ولا أعلم فيه خلافا فاما الأرش فقال ابن أبي موسى لا يستحقه أيضا، وقد ذكرنا أن قياس المذهب استحقاق الأرش قال أحمد أنا أقول: إذا استخدم العبد وأراد نقصان العيب فله ذلك، فأما ان احتلب اللبن الحادث بعد العقد لم يسقط رده لأن اللبن له فملك استيفاءه من المبيع الذي يريد رده، وكذلك أن ركب الدابة لينظر سيرها أو ليسقيها أو ليردها على بائعها، وان استخدم الأمة ليختبرها أو لبس القميص ليعرف قدره لم يسقط خياره لأن ذلك ليس برضا بالمبيع ولهذا لا يسقط به خيار الشرط، وان استخدمها لغير ذلك استخداما كثيرا بطل رده، فإن كانت يسيرة لا تختص الملك لم يبطل الخيار، قيل لأحمد ان هؤلاء يقولون إذا اشترى عبدا فوجده معيبا فاستخدمه بأن يقول ناولني هذا الثوب يعني بطل خياره فأنكر ذلك وقال من قال هذا أو من أين اخذوا هذا؟ ليس هذا برضا حتى يكون شئ يبين، وقد نقل عنه في بطلان الخيار بالاستخدام روايتان وكذلك يخرج ههنا (فصل) وان أبق العبد ثم علم عيبه فله اخذ أرشه فإن اخذه ثمن قدر على العبد فإن لم يكن معروف الا باق قبل البيع فقد تعيب عند المشتري فهل يملك رده ورد أرش العيب الحادث عنده والأرش الذي اخذه على روايتين، وإن كان آبقا فله رده ورد ما اخذه من الأرش واخذ ثمنه، وقال الثوري والشافعي ليس للمشتري أخذ أرشه سواء قدر على رده أو عجز عنه إلا أن يهلك لأنه لم ييأس من رده فهو كما لو باعه، ولنا انه معيب لم يرض به ولم يستدرك ظلامته فيه فكان له أرشه كما لو أعتقه وفي البيع استدرك ظلامته بخلاف مسئلتنا (فصل) وإذا اشترى عبدا فاعتقه ثم علم به عيبا فأخذ أرشه فهو له، وعن أحمد رواية أخرى انه يجعله في الرقاب وهو قول الشافعي لأنه من جملة الرقبة التي جعلها الله فلا يرجع إليه شئ من بدلها، ولنا ان العتق إنما صادف الرقبة المعيبة والجزء الذي اخذ بدله ما تناوله عتق ولا كان موجودا ولان الأرش ليس بدلا عن العبد إنما هو جزء من الثمن جعل مقابلا للجزء الفائت فلما لم يحصل ذلك الجزء من المبيع رجع بقدره من الثمن فكأنه لم يصح العقد فيه ولهذا رجع بقدره من الثمن لا من قيمة العبد وكلام احمد في الرواية الأخرى يحمل على استحباب ذلك لا على وجوبه قال القاضي إنما الروايتان فيما
(٢٥٠)